لقيت حتفها على القضبان والهيئة تتهرب
ننفرد بنشر صورة وتفاصيل وفاة "ضحية" مترو الأنفاق
الخميس, 16 أغسطس 2012 01:57
كتبت: مروة عباس
صرحت غدير أحمد "مؤسسة صفحة رصد انتهاكات مترو الأنفاق", أن الضحية التي توفيت بسبب الإهمال وانقطاع الكهرباء المتكرر في مترو الأنفاق؛ هي "مديحة صابر محمد حسن عيسى"، والتي عثرت الصفحة على معلومات عنها بعد صعوبة بالغة، كانت مديحة ستكمل عامها الثاني والثلاثين في سبتمبر المقبل، وهي أم لطفلين، أكبرهما الطفل حسن ذو أربع السنوات ويوسف ذو العامين.
تعمل مديحة مدرسة بمدرسة التمريض التابعة لمستشفى الحسين الجامعي، ومقيمة في قليوب مع زوجها محمود حسن خليل، والذي يعمل أمين شرطة بقسم شرطة الساحل.
مديحة كانت تستقل سيارة أجرة يوميًا من قليوب وحتى محطة مترو شبرا الخيمة، لتصل إلى ميدان رمسيس, وتستقل سيارة أخرى إلى الحسين، حيث مكان عملها، وفي يوم الحادث وصلت "مديحة" إلى محطة شبرا الخيمة، واستقلت "قطار الموت"، حتى تعطل بها داخل النفق مابين محطتي الشهداء والعتبة، ودام العُطل لأكثر من 20 دقيقة، وهي داخل عربة السيدات والأنفاس تختنق من قلة الأكسجين والأصوات تتعالى بالسب والشتم في سائق المترو وفي إهمال مسئولي المترو، حتى فاض بالركاب، فكسروا زجاج فرملة الطوارئ، لتفتح الأبواب المغلقة، ويأخذوا ولو نفسًا واحدًا, حتى نزل الركاب إلى الأنفاق، وارتجلوا حتى أرصفة المحطات.
حاولت مديحة النزول كباقي الركاب, ولكن لم يحالفها الحظ، فقد قرر سائق المترو أن يُدير المحركات ليتحرك القطار ويختل توازنها وتقع مديحة على القضيب، مما تسبب في إصابتها بنزيف داخلي، تسبب في حدوث الوفاة، خاصة بعد أن كاد المترو يدهس جسدها تحت عجلاته الثقيلة، لولا أن بعض الركاب، ومنهم "هيثم طارق محمد" و"علام علام" قاموا بإزاحة جسدها بعيدًا عن القضيب، بعد محاولتهم للنداء على السائق ليتوقف، ولكن بلا جدوى.
وتضيف غدير: بدأت الرحلة المؤلمة داخل النفق المظلم عندما حاول علّام وهيثم حمل مديحة في محاولة لإنقاذها، بينما رافقتهم سيدة أخرى داخل النفق، كانت تصرخ صراخًا هستيريًّا, وكانت تحمل الشنطة الخاصة بمديحة، والتي توجد بها جميع متعلقاتها الشخصية، مؤكدين أنهم عندما حاولوا إفاقتها كانت بلا نبض.
وصرح الشاهدان أنها توفت إثر وقوعها من المترو، وليس بالاختناق -كما أشيع-، حتى وصلوا بجثمانها إلى رصيف محطة مترو العتبة، لينتظروا المصعد المعطل، بينما حضر أحد أفراد هيئة تشغيل المترو، وأعطته السيدة المرافقة شنطة المتوفاة ثم غادرت، فذهبوا بمديحة إلى طوارئ المركز الطبي الإنجيلي في التاسعة والنصف صباحًا، ليُصرح الدكتور أنها متوفاة قبل وصولها المستشفى.
وقد حاول الأطباء والممرضات في المركز الطبي الإنجيلي التعرف على هويتها لإبلاغ أهلها، ولكن بلا جدوى، فقد "اختفت" شنطة المجني عليها في ظروف غامضة.
وقالت غدير إنها فوجئت هي والشهود والممرضات جميعًا أثناء التحقيق داخل غرفة الطوارئ بالمستشفى الإنجيلي بعد حضور ضباط من قسم الأزبكية؛ بسيدة في أواخر العقد الرابع من عمرها تسأل عن المتوفاة، وتؤكد أنها رأت الشنطة مع فرد الأمن, وعندما سألته عن مكانها، قال إنه سيحفظها في "أمانات المترو".
أضافت "توجهنا على الفور لإدارة تشغيل المترو بالعتبة نسأل عن متعلقات المتوفاة وشنطتها، لنتفاجأ بالإنكار، وأنه لا يوجد لديهم أي متعلقات شخصية للمتوفاة، وأن شنطتها قد أخذتها سيدة تدعي أنها قريبة المجني عليها، والذي نفته الشاهدة الثالثة "سامية"، فيم يوحي بتواطؤ إدارة تشغيل المترو وقيادات الشرطة بقسم رابع مترو الأنفاق بالعتبة لإخفاء هوية المتوفاة، خاصة بعد أن أرادت إدارة تشغيل المترو نفي وفاتها داخل النفق, مشيرين إلى أنها كانت على قيد الحياة وقت وصولها للمركز الإنجيلي، فيم رفض الأطباء التوقيع على هذا التزييف، مشددين أنها وصلت المركز متوفاة بالفعل.
وتتابع غدير حديثها قائلة: غادرنا المركز الطبي الإنجيلي في تمام الرابعة والنصف عصرًا، وبدأنا حملة التعريف بوفاة سيدة داخل أنفاق المترو جراء الإهمال؛ لعل أحدًا من أهلها يتعرف عليها قبل أن يتم ترحيل جثمانها إلى مشرحة زينهم!, وفي اليوم التالي توجهت للمركز الطبي الإنجيلي لأكتشف أن أهلها توصلوا لها، وتم الغسل، وأخذوا الجثمان لدفنه بمقابر العائلة ببهتيم، فحاولت التوصل لأي معلومة، ولم أحصل إلا على عنوان عملها، ومنه حصلت على عنوان والدها عم صابر، فقمنا بتنظيم الوقفة الصامتة؛ حدادا عليها, والتنديد بوفاتها داخل مترو الانفاق جراء الإهمال.
وفي صباح اليوم 15 أغسطس 2012 تقول غدير: "ذهبت لعم صابر -والدها- في منزله لأرى أهل مديحة يتوشحون بالسواد وأصوات القرآن تصدر من كل ركن بالمنزل، فقمنا بعزائه في فقدان ابنته، ليخبرونا بعدها أن المغفور لها مديحة صابر عيسى كانت قد اتصلت بإحدى زميلاتها في العمل لتخبرها أنها قد تتأخر قليلًا بسبب تعطل المترو داخل النفق، وهي المكالمة الهاتفية التي تسببت في إنقاذ جثمان مديحة صابر عيسى من التشريح غير الآدمي على أحد أسِرة مشرحة زينهم، عندما سألت زميلاتها عنها في المنزل لعدم حضورها للعمل, ليتبين أنها متغيبة منذ الصباح، فتوجَه عم سعد صلاح خال مديحة ومعه أبوها عم صابر وزوجها محمود خليل إلى كل محطات المترو مابين شبرا الخيمة والشهداء، حتى عثروا على التحقيق الخاص بالواقعة، وذهبوا للمستشفى الإنجيلي؛ للتعرف عليها، حتى ثبت أنها بالفعل مديحة صابر عيسى ابنتهم".
وبصوت حزين ممتلئ بالغصة والألم قال عم صابر: "كانت أطيب بنت من بناتي" لينخرط بعدها في البكاء بصوت مسموع أبكى جميع الحاضرين, وأضاف: "أنا عندي 4 بنات منهم مديحة، كانت أحن واحدة عليا، كانت ملاك، بتخدم الناس ومتستناش الشكر" وبكى مرة أخرى.
وفي مكالمة هاتفية مع زوجها محمود حسن خليل قال إن التقرير الطبي يثبت أنها ماتت خنقًا، وعلى إثر هبوط حاد بالدورة الدموية -حسب تقرير مفتش الصحة-، وهو ما يعتبر تزويرًا وغير صحيح, مؤكدا أنه لن يترك حق مديحة، ولن يترك حق أطفالها الذين تيتموا ولم يبلغوا الخامسة من عمرهم!.
ومن جانبها أكدت غدير أنها لن تفرط في حق مديحة صابر عيسى, وأنها لن تترك الإهمال يقتل المصريين أكثر من ذلك، فقد ولّت عصور الخوف، وانتهت التهديدات، وبدأ عهد الفقراء والغلابة, فبالأمس كانت مديحة، وغدا قد تكون أنا أو أي مواطنة أو مواطن آخر, ولن يهدأ لي بال حتى يتم إقالة م.علي حسين رئيس الشركة المصرية لإدارة وتشغيل مترو الأنفاق، والذي في عهده شهدنا أقذر فترة إدارة لأكبر وأهم مواصلة عامة في مصر.